(( مَقْرَأ سُورة أمّ القرآن ))





::: التحديث لمقرأ أم القرآن جاري حاليا ::: رجب 1433 :::




يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى الخطبة المعنية

 
 
 

  

 


 









الخطبة الأولى - في قوله تعالى
 (( بسم الله الرحمن الرحيم )) 
الجمعة 18 ربيع الأول 1433
فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة






ملحوظات نصية من الخطبة 
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين
نحمده سبحانه ونعبده ونستعينه
ونسأله الهداية إلى الصراط المستقيم، ونعوذ به من صراط أهل الجحيم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن نبينا محمد عبده ورسوله
نبيه ومصطفاه وخيرته من خلقه خاتم النبيين وإمام المرسلين
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين


أما بعد،،،

1- الحكمة في تشريع تكرارها في كل صلاة 
-     فإن الله تعالى قد شرع لنا قراءة سورة الحمد كل يوم 17 مرة
-     (وهو) سبحانه وتعالى حينما يشرّع ذلك إنما يفترضه علينا لحِكم جليلة تظهر لمن أمعن النظر فيها وأمعن الفكر في هداياتها ودلالاتها
-     وذلك أن هذه السورة اشتملت على مقاصد القرآن ومقاصد الإسلام وعلى أعظم الهدايات
-     ولهذا فإن من لم يقرأ بها في صلاته فصلاته خداج (ناقصة) أو باطلة (الحديث)






2- نظرة في معاني أسمائها 
-          سورة الفاتحة سورة عظيمة، بل هي أعظم سورة في كتاب الله عز وجل (الحديث)

-    فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبع المثاني لأنها تتكون من سبع آيات وتثنّى في الصلوات أي تتكرر تلاوتها في الصلاة
-     وسماها عليه الصلاة والسلام قرآنا عظيما لأنها أعظم سورة في كتاب الله عز وجل ولأنها  اشتملت على مقاصد القرآن العظيم، ومنها أعظم الأخلاق والأمر والنهي والثناء على الله عز وجل وتوحيده سبحانه وتعالى
-     فلهذا من فهم سورة الفاتحة فإنه يكون بذلك قد فهم أعظم مقاصد القرآن العظيم









3- هدايات تكرار الفاتحة في كل صلاة 
-     وهذا يتطلب منا أن نتدبر هذه السورة عند قراءتها في كل صلاة - في كل حرف منها ، في كل كلمة وجملة ، آية آية وركعة ركعة ، نتدبرها تدبر الخاشع المنيب بين يدي الله عز وجل
-     وسميت هذه السورة بأسماء عظيمة تدل على عظمتها: فهي  أم القرآن  لأنها يستهل بها كتاب الله عز وجل ولأنها اشتملت على أمهات المعاني والمقاصد، وهي  أم الكتاب  أيضا ، وهي سورة الحمد ، وكل هذه الأسماء تدل على شهرتها وعظمتها ومكانتها في الإسلام، حتى قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم ينزل مثلها لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور
-     فسورة بهذه المكانة وبهذه العظمة تقتضي من المؤمن أن يتفهم معانيها وأن يتعرف على دلالالتها وهداياتها





4- بسم الله الرحمن الرحيم 
-          فتعالوا بنا إلى ما افتتحت به هذه السورة من التسمية وهي بسم الله الرحمن الرحيم
-          هكذا استهل الله تعالى كتابه العظيم الذي أنزله من فوق سبع سماوات طباقا على قلب الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم: استهله باسمه الكريم ، فهو من عند الله عز وجل
-          لم يكن منشأ ولا بدعا من كلام أحد من البشر ، وإنما هو كلام الله عز وجل

-     وذلك يدل على عظمة المتلو : فإذا استهل القارىء قراءته وصلاته بهذه البسملة فإنه يعني أنه يتلو كلام الله عز وجل الذي خلق (الإنسان)، وأنزل هذا القرآن وعظّمه سبحانه وتعالى -  فهو يتلو كلام الله وكتاب الله تعالى وذلك يقتضي منه الخشوع والتذلل بين يدي جبار السماوات والأرض
-     ثم إن هذه التسمية تضاف إلى الله عز وجل المعبود المألوف الذي تحبه القلوب وتلوذ به وتعتصم به
-          فيسمّ العبد بهذه التسمية :بسم الله – بهذا الاسم العظيم وهو أعظم اسم الله عز وجل






5- الرحمن الرحيم 
-     ثم يتبعه بالرحمن الرحيم – وهما وصفان عظيمان من صفات الله عز وجلّ يدلان على رحمة الله الواسعة
-     وأن الله تعالى من أسمائه الرحمن وهي رحمة تليق بجلاله عز وجل - ليست كرحمة الخلق – وإنما هي رحمة الخالق عز وجل



-     فأنزل الله تعالى جزءا من هذه الرحمة يتراحم الناس بها ، وأما رحمته سبحانه فقد وسعت كل شيء ووسعت السماوات والأرض "ورحمتي وسعت كل شيء (الآية) فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون"


نسأل الله تعالى بأن يتغمدنا برحمته وأن ينشر علينا رحمته


 (الخطبة الثانية) 



أما بعد،،،


6- هدايات افتتاح القرآن العظيم بأم القرآن بقوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحمن" 
-     إن افتتاح هذه السورة العظيمة ببسم الله الرحمن الرحيم فيه هداية إلى أن نأخذ بهذا الأدب في كل عمل نقدم عليه
-     ومعنى هذا أن المؤمن يبتدىء عمله باسم الله عز وجل ، فلولا فضل الله ونعمته لما تمكن من هذا العمل
-     فكم من مقعد يتمنى أن يقوم ، وكم من قائم يتمنى أن يسجد أو أن تمس جبهته الأرض لكنه لا يستطيع ذلك، وكم من مبتلى أو مسلوب منه نعمه يتمنى أن يُمَكن منها لكنه لا يستطيع تناولها
-          فلهذا ينبغى على المؤمن أن يعرف قدر نعمة الله عز وجل عليه في كل أمر يأتي به
-          فيعلم أنه من عند الله سبحانه وتعالى وأنه لا حول له ولا قوة له إلا بالله عز وجل
-          وأنه سبحانه هو المتفضل بهذه النعمة
-     وأنه لم ينلها بقوّته ولا بعلمه ولا بذكائه وإنما هي من رحمة الله عز وجل ومن فضله سبحانه وتعالى


7- البسملة في كل عمل تقتضي المراقبة الذاتية فيه 
-     وهذا يقتضي منه أن يراقب الله عز وجل في ما يشرع فيه من أي عمل استهلـّه بهذا العمل
-     وقد شرع الله التسمية في كل أمر من أمورنا : عند الدخول وعند الخروج وعند المأكل والمشرب والمنام
-          وفي كل عمل نستهل فيه ينبغي أن نستهل فيه باسم الله الرحمن الرحيم
-     امتثالا لهذا الهدي وتأسيا بأنبياء الله عز وجل كنوح عليه السلام حينما قال الله تعالى له "قال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها" (الآية)
-     وكان أهل الجاهلية وأهل الشرك يستهلون برؤسائهم وبآلهتهم فعوّض الله تعالى المؤمنين بما هو أشرف وأعظم وأجل وأن يستهلّ ذلك باسم الله تعالى



8- البسملة في كل عمل تقتضي الإحسان بالعمل وأداء الأمانة فيه 
والتسمية شأنها عظيم تقتضي ممن سمّى أن يراقب الله عز وجل الذي استهل هذا العمل باسمه فلا يقصر فيه ولا يفرّط فيه ولا يخون الأمانة في أدائه – يعلم أن الله تعالى يطلع على سرائره وعلى علانيته وعلى ما هو أخفى من ذلك – إنه يعلم السر وأخفى (الآية ) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (الآية)



-          ولهذا ينبغي علينا أن نربي أنفسنا وأن نربي أهلينا على أن نعوّدهم على هذه التسمية في كل شأن من شؤون حياتنا
-          ولهذا روي في الحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ به  باسم الله فهو أقطع أو هو أجذم " (الحديث)





9- البسملة في كل عمل مدعاة للبركة والرحمة من الله عز وجل فيه 
-     وهذ التسمية هي بركة من الله عز وجل يفيضها الله تعالى على العمل لا سيما وأنها مشتملة على رحمته سبحانه وتعالى 
  

10- البسملة في كل عمل تستوجب الرحمة من العامل على كل من يشمله العمل 
-     وهذا الوصف من الله عز وجل في أي عمل من الأعمال وهو "الرحمن الرحيم" يقتضي من العامل ومن القائل ومن كل من أتى عملا أن يأخذ بهذه الرحمة وأن تكون الرحمة شعاره - فالمعلم والأب والغني والمقتدر وكل من مكنه الله تعالى نعمة من النعم يعرف قدر نعمة الله عز وجل عليه فيرحم بها عباده كما رحمه الله تعالى بأن من عليه بهذا الفضل وهذه النعمة التي مكنها الله تعالى ويسرها له بفضلة وبرحمته

11- البسملة في كل عمل هو من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم 
-     وهذا كان هو أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه حينما يدخل بيته يقول "بسم الله اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج – بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا – وعلى الله ربنا توكلنا – وحينما يخرج من بيته يقول بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وحينما يأكل يقول بسم الله وهكذا حينما يتوضأ يقول بسم الله وعندما ينام يقول باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه – وهكذا حينما يدخل المسجد وحينما يخرج منه
-     فتذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم للتذكروا هذه البسملة وأكثروا من الصلاة والسلام عليه فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك






انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الأولى من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 " بسم الله الرحمن الرحيم " 



مكتبة خطبة "بسم الله الرحمن الرحيم " 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية :
× الملف الصوتي للخطبة
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)
× اضغط هنا للانتقال إلى صفحة "خطب الجمعة" للمزيد من الخطب في هدايات القرآن الكريم











الخطبة الثانية - في قوله تعالى
 ((الحمد لله رب العالمين)) 
الجمعة 25 ربيع الأول 1433
فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة





 ملحوظات نصية من الخطبة 

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل
أحمده سبحانه وهو العزيز الحميد
وأصلـّي وأسلم على نبينا محمد ذي الخصال الحميدة والصفات المحمودة
صلى الله عليه وعلى آله وعلى صحبه وسلم تسليما كثيرا


 أما بعد،،،


1- "الحمد لله رب العالمين" مناجاة ما بين العبد وربّه سبحانه وتعالى
-          فاتقوا الله تعالى إخوة الإيمان في صلاتكم وفيما تتلونه بين يدي الله عز وجل في كل ركعة من تلاوة ركن الصلاة سورة الحمد
-          فإن الله تعالى قد استهلها بأجزل الألفاظ وأجلّ المعاني
-          فتعالوا بنا إلى الآية الأولى من هذه السورة الكريمة، وأنصتوا إلى الحق تبارك وتعالى وهو يقول "الحمد لله رب العالمين"



-          ثم أصغوا سمعكم إلى الله عز وجل وهو يجيبكم بعد تلاوة هذه الآية الكريمة حين يقول "حمدني عبدي، شكرني عبدي"
-          فقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العبد إذا قال في سورة الحمد في الحديث الشهير "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل حمدني عبدي
-          فهل أنصتنا إلى الله عز وجل حينما نتلو هذه الآية في كل ركعة بين يديه سبحانه وتعالى عند كل صلاة



2-  "الحمد لله رب العالمين" تعريف بالمستحَق بالحمد سبحانه وتعالى
-      إن الخاشع والمتدبر لهذه الآية الكريمة يستحضر ما فيها من المعاني الجليلة فتستجيش قلبَه، وتنهمر عينُه وتتحرك حواسه ويشتعل فكرُه في تدبر هذه الآية العظيمة التي استهل الله تعالى كتابه بها
-      فما أعظمها من آية جليلة وما أعظم ما فيها من المعاني
-       فالله تعالى يعلمنا في هذه الآية الكريمة أن نحمده عز وجل
-       فالحق سبحانه وتعالى هو المستحق للحمد بكماله تبارك وتعالى لأنه رب العالمين
-       لأنه الله رب العالمين فقد تضمنت هذه الآية الكريمة الحمد ومقتضياته ودواعيه لأنه لله المألوه المحبوب للخلق الذين خلقهم وربـّاهم بنعمه
-       فمنذ أن كان المخلوق نطفة ثم تدرج في عالم الأجنّة إلى أن صار يبصر بشحمةٍ وينطق بلحمةٍ ويسمع بعظم فهو يرى بعينه تلك الشحمة الذائبة التي أودع الله تعالى فيها هذا النور ليبصر العبد أنوار الله عز وجل لتهديه إلى ما فيه الخير والرشاد والهدى والسداد
-      وجعل هذه اللحمة في لسانه لينطق بكلمة التوحيد وليثني على الله عز وجل بما هو أهله من المحامد وليقول الحق، فابتلاه الله تعالى بهذا اللسان الذي هو صغير في جِرمه عظيم في جُرمه
-       ثم تلك الأذن التي يسمع بها فإن وجّهها إلى الاستماع إلى كتاب الله تعالى وإلى ما يرضيه وإلى الحِكَم والأحكام وإلى أقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي اشتملت على كل خير، فإن أبى فإنها تكون عليه حجة
-      الله عز وجل رب العالمين، أي المتصرف والمالك لكل شيء، لجميع هذه العوالم، على اختلاف ألوانها وأصنافها وأجناسها، من العوالم العلويّة والعوالم السفلية، من عوالم الملائكة والسماوات والآفاق العظيمة، ومن عوالم الجن والإنس والحيوانات والهوام وعوالم النبات من الشجر وما إلى غير ذلك




3-  "الحمد لله رب العالمين" في كل حركة في الصلاة وفي كل حركة في الحياة
-       فالله عز وجل يعلـّمنا في هذه الآية الكريمة أن نحمده - أن نحمده في كل حين
-       فإذا حمدنا الله تعالى عند تلاوة هذه السورة فإننا نحمد الله عز وجل على ما بعدها من الآيات العظيمة الكريمة التي سنتحدث عنها بمشيئة الله وعونه في الخطب التالية
-      ثم هو بين كل تلاوة لهذه السورة ، بين كل ركعة وركعة ، يحمد الله عز وجل في ركوعه وفي الارتفاع من ركوعه وفي سجوده، في خفضه وارتفاعه وفي إنابته إلى الله عز وجل وفي كل حركة يحمد الله عز وجل
-       يقول "سبحنك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " يقول ذلك في ركوعه وفي سجوده، ويقول سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد
-       وهكذا يترجم هذه الآية التي تلاها واستمع إليها في مطلع صلاته في صلاته وفي خارج صلاته






-          فبين كل صلاة وصلاة يحمد الله عز وجل وعند كل حدث من أحداث حياته يحمد الله عز وجل
-          في ما ظاهره الخير وفي ما ظاهره الشر، في كل أمر يقع وفي كل حدث ينزل فإنه يحمد الله عز وجل سبحانه وتعالى، حتى في المصائب فإنه يحمد الله عز وجل
-          كما جاء في الحديث أن الملائكة إذا قبضوا ولد عبد قال الله تعالى قبضتم ولد عبدي يقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال فيقولون حمدك واسترجع فيقول سبحانه وتعالى ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد (الحديث)



4- "الحمد لله رب العالمين" من العبادة، فالنعم تتوالى دون سؤل
-          فما ظنكم إذن بتلك النعم التي تتوالى من غير نول ولا سؤل
-          يسديها الله عز وجل لا يريد جزاء ولا شكورا


 
   

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الحامدين الشاكرين




                               

(الخطبة الثانية) 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، أحمده سبحانه تعظيما لشأنه
وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وأصحابه


 أما بعد،،،

5- "الحمد لله رب العالمين" عقيدة وسلوك وأخلاق 
-          فإن "الحمد لله رب العالمين" هذه الآية العظيمة تعلـّمنا الحمد عقيدة وقولا وسلوكا وأخلاقا، فيحمد العبد ربه عز وجل موقنا بأنه ما من نعمة إلا وهي من الله عز وجل
-          وأنه ما من مصيبة تصيبه إلا وفوقها مصيبة أعظم منها
-          وأنه ما من مصيبة تصيبه فيحمد الله عز وجل إلا وآتاه الله تعالى خيرا منها
-          فإذن حمدنا لله عز وجل يستوجب منا الحمد مطلقا - في كل حين وفي كل أوان





6- الحمد نعمة تستوجب الحمد والشكر 
-          وهذا الحمد بحد ذاته هو نعمة من الله عز وجل تستوجب منا الشكر
-          ينبغي علينا أن نتعلم التحميد في كل أمر
-          في مبدأه وفي أثنائه وفي منتهاها
-          فذلك ما علمناه الله تعالى إياه في القرآن العظيم فقال الله سبحانه
-       وكما علمنا الحمد في أول الأمور علمنا الحمد أيضا في أواخرها لأنه إنما مُكنا من هذا الأمر بأمر الله عز وجل وبحمده
-          ثم تيسر لنا إتمامه أيضا بحمد الله تعالى
-          فقال الله عز وجل
-          وهذا دعاء أهل الجنة هذه العبارة التي نكررها في كل ركعة هي من كلام أهل الجنة
-          فمن أراد أن يكون من أهل الجنة فليعمل بعملهم وليتخلق بأخلاقهم وليسلك سلوكهم




7- الحمد على اللسان ينفي ما عداه من خبيث القول
-      هذه الكلمة تنفي ما عداها من قول الزور ومن القول الخبيث والقول السيء والمشين
-      إذا عوّد الإنسان نفسه أن يقول القول الطيب فإنه بعد ذلك لا يقبل أن يقول ما يدنّسه أو يسيء إليه أويسيء إلى غيره "فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" (الحديث الشريف)



-       فالخير هو الحمد وما جاء في معناه، والصمت هو أن يجتنب الإنسان قول الزور وقول الإثم والقول القبيح فكل هذا يتنافى مع من يتلو هذه الكلمة الطيبة في كل ركعة، فلا يليق به بعد ذلك أن يؤذي الناس بكلام يسيء إليهم أو إلى أهليكم أو إلى أي شأن من شؤونهم
-       فهذا أدب من آداب الله عز وجل يعلمنا الله أن نقول هذه العبارة قولا وفعلا - لا أن نقولها بألسنتنا دون أن نتدبر ما فيها من المعاني العظيمة والمعاني الجليلة





8- "الحمد لله رب العالمين" من أشرف القول فهي تجري على ألسنة أهل الجنة ويداوم عليها حملة العرش العظيم 
-      إنك حينما تقول هذه الكلمة، فإنك تتكلم بكلام أهل الجنة، وتتكلم بكلام ملائكة الله الكرام الذين يحمدون الله عز وجلّ - يسبحون الله تعالى ويحمدونه من حول العرش (الآية الكريمة)


9- "الحمد لله رب العالمين" في كل أمر
-          فما أحرى الإنسان بأن يستخدم هذه الكلمة في كل أموره وفي كل شؤونه

-       حينما يركب دابته يقول بسم الله الحمد الله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
-       وحينما ينام ويستيقذ من نومه يقول الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور
-      وفي الحديث أن الله ليحب للعبد أن يحمده سبحانه في أكلته وشربه ونومه (الحديث) كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم




10- "الحمد لله رب العالمين" تورث الأخلاق الحميدة وتنفي العجب والخيلاء
-          فإذا انتهى العبد من طعامه حمد الله عز وجل، وإذا استيقظ من نومه حمد الله تعالى، وإذا انتهى من أمر من الأمور حمد الله تبارك وتعالى، فينفي ذلك منه العُجب والكبرياء والخيلاء، وأن يعلم أن هذا إنما تحقق بفضل الله عز وجل وبحمده وبنعمته سبحانه




11- "الحمد لله رب العالمين" من خير هدي نبي الحمد عليه الصلاة والسلام
-       وإن خير ما يذكرنا بحمد الله عز وجل هو النبي الكريم المسمى باسم الحمد، فهو محمد صلى الله عليه وسلم، فصلوا وسلموا رحمكم الله على هذا النبي الذي أورثه الله تعالى المقام المحمود حينما يكون الخلق في أعظم الأمور وأشدها : في تلك العرصات فيحمدون الله عز وجل على أن قيض لهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فخلـّصهم من ذلك الموقف العظيم فهو صاحب المقام المحمود واللواء المعقود والحوض المورود




اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين
أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك
يا ذا الجلال والإكرام






انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الثانية من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 "الحمد لله رب العالمين" 


مكتبة خطبة " الحمد لله رب العالمين " 
يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)











الخطبة الثالثة - في قوله تعالى
 ((الرحمن الرحيم)) 
الجمعة 2 ربيع الثاني 1433
فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة









ملحوظات نصية من الخطبة 
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين
أحمده سبحانه وأستعينه وأستغفره وأستهديه
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك وأن نبينا محمد عبده ورسوله
نبي الرحمة أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وأرسله بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة
من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصيهما فقد غوى ولا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا


أما بعد،،،

1- كلمتان، وما تحملان من معاني الجلال والجمال
-          فإن أعظم الكلام وأبلغه وأفصحه ليس بكثرته وبكثرة حروفه وكلماته وإنما بعـَظـَمة قائله وبما يحمله من معاني الجلال والجمال، وذلك ليس إلا ما كان من الوحي العظيم
-          وذلك ما نجده في كتاب الله تعالى في الآية الثانية من سورة الحمد وهي قول الله عز وجل "الرحمن الرحيم"
-          فهذه الجملة الكريمة التي نقرأها كل يوم في كل ركعة 34 مرة ، نقرأها مرة في البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم" ونقرأها عند قول الله عز وجل في الآية التالية للحمد لله رب العالمين "الرحمن الرحيم"






2- إنما خلقهم ليرحمهم 
-          وهذه الآية الكريمة لها معانيها العظيمة ودلالاتها السامية التي ينبغي لمن تلاها أن يتدبرها وأن يتأملها وأن يعمل بها ويتخلق بأخلاق القرآن وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن
-          تأتي هذه الآية بعد حمد الله عز وجل وربوبيته لتبيّن أن الله تعالى إنما يربّي خلقه ويرزقهم ويتفضل عليهم بربوبيته ليس طمعا في نول ولا طول منهم، وإنما هو رحمة وتفضل من الله عز وجل
-          فإن من يسدي نعمة إلى الغير ينتظر منه جزاء، كالوالد يربي ولده لأجل أن يقوم برعايته حينما يحتاج إليه
-          بينما تربية الله عز وجل للعالمين - مِن خلقهم ورزقهم وإحيائهم وإماتتهم - إنما هو رحمة بهم
-          قال الله عز وجل
-          جاء عند كثير من المفسرين أي إنما خلقهم ليرحمهم، فإن أطاعوه وصدقوا في الابتلاء، رحمهم الله عز وجل برحمة أوسع، ورحمة أعظم، وأدخلهم جنته، وحلّ عليهم برضوانه وأفاض عليهم من بركاته


3- رحمة الله عز وجل من جلاله وجماله وسموّه وكماله سبحانه وتعالى 
-          والرحمة في قول الله عز وجل "الرحمن الرحيم" هنا هذان الاسمان العظيمان الكريمان اسمان من أسماء الله عز وجل وصفتان جليلتان من صفات الله عز وجل ذات الجلال والجمال والسموّ والكمال
-          فالله عز وجل رحمن اسمه الرحمن
-          وهو رحيم أيضا في صفاته وأفعاله عز وجل، لكن رحمته ليست كرحمة العالمين، فالناس حينما يرحمون إنما ينتج ذلك عن رقة، وربما عن ضعف
-          بينما رحمة الله عز وجل صفة تليق بجلاله نؤمن بها ونثبتها




4- آثار رحمة الله عز وجل في جميع الخلق 
-          ورحمة الله عز وجل رحمة عظيمة شاملة واسعة، ذَكر الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث سلمان مرفوعا " إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مئة رحمة طباق كل رحمة ما بين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة" (الحديث)
-          وقال الله عز وجل




5- رحمة الله تعالى العامة والخاصة 
-          والرحمة من الله عز وجل رحمة عامة وخاصة
-          أما الرحمة العامة فهي التي أسداها للعوالم كلهم على اختلاف ألوانهم وطبقاتهم ودياناتهم
-          وأما الرحمة الخاصة فهي التي خص بها المؤمنين، وأنعم عليهم بها في الدنيا وفي الآخرة، وهي الصلة التي يتواصلون بها مع الله عز وجل، فهي الحبل المدود بين السماء والأرض





6- رسل الله عليهم الصلاة والسلام من آثار رحمته سبحانه وتعالى بالناس 
-          وهذه الرحمة من الله عز وجل - الموصوف بالرحمن الرحيم سبحانه وتعالى - هي التي بعث الله تعالى بها الرسل " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وأنزل بها الكتب "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" وشرّع بها الشرائع، فكل شرائع الله عز وجل متّسمة بهذه الرحمة "لا يكلف الله نفس إلا ما آتاها" "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" "وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم"



7- ما من شيء إلا هو برحمة الله عز وجل 
-          فما من شيء إلا وهو برحمة الله عز وجل
-          ومهما بلغ الإنسان أي مبلغ، فإنما هو إنما يصل ذلك برحمة الله
-          حتى قال رسول الله صلى الله عليهم وسلم إنه لن يدخل الجنة أحد بعمله
-          فإنه إذا نظر الإنسان لما أسداه الله تعالى عليه من النعم فإنه يعجز عن شكرها وعن القيام بواجبها إلا أن يتغمده الله تعالى برحمته

اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين






                               


(الخطبة الثانية) 




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين


أما بعد،،،


8- الصلاة تربية على الرحمة وسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام كلها رحمة 
-          فإن الله تعالى يذكّرنا برحمته في كل ركعة نقوم بها بين يدي الله عز وجل ليربّينا على رحمته ولنتخلّق بخلق الرحمة ولنتّصف أيضا بصفة الرحمة
-          وذلك ما كان يشتمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
-          فسيرته في هديه وأقواله وأفعاله كلها رحمة تترجم هذه الآية وما جاء في معناها من كتاب الله عز وجل.  فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء بهذه الرحمة ونشرها بين الناس حتى بين الحيوانات.  وذَكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من شؤونها حديثا كثيرا ليرغـّب في هذه الرحمة


-          فذكر تلك المرأة البغيّ التي رأت كلبا يلهث من العطش فأشفقت عليه وسقته من البئر فرحمها الله تعالى برحمته
-          وهذا البعير الذي جاء يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينتصر له نبي الرحمة وينادي بصاحبه إنّ بعيرك يشتكي منك ومن كثرة أتعابك
-          فإذا كان هذا في الحيوانات والدوابّ فكيف بعالم الإنس والجن





9- الراحمون يرحمهم الرحمن 
-          علينا جميعا أن نتّصف بهذه الرحمة التي دعانا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (الحديث)
-          فعلى الإنسان وعلى كل مسلم أن يجتهد في أن يتخلـّق بهذا الخلق وهو خلق الشفقة والرحمة والإحسان والعطف
-          فهذه كلها بهذه المعاني أثر من آثار تدبر كتاب الله تعالى ومن آثار تدبر هذه السورة العظيمة







10- ليس من الرحمة التهاون في أحكام الله 
-          وليس معنى الرحمة ان يترك الحبل على غاربه، وإنما الرحمة هي التي تنتج خيرا وتثمر عملا صالحا، فلا ينبغي علينا أن نتهاون في التقصير في أحكام الله عز وجل، أو فيمن ولّانا الله تعالى عليهم، بأن ندع أمرهم سبهللا بدعوى الرحمة -  كلا !  وإنما كما قال الناظم أو الشاعر
قسا ليزدجروا ومن يكُ حازما         فليقسُ أحيانا على من يـَـرحـَمُ
-          وهذا ما نجده في ظاهر بعض التشريعات، من إقامة حد القتل أو قطع يد السارق، فإنها في ظاهرها قد تبدو فيها غلظة على من يقع عليه هذا الحكم، لكنها في واقع أمرها أنها حياة وأنها رحمة، فلو لم تُقَم هذه الأحكام، ويُزجَر أهل البغي والعدوان، لانتفَت هذه الرحمة ولانقطعت عن العالم بأسره، وأصبح الناس في غابة يتقاتلون ويأخذ بعضهم حق بعض ويقضي بعضهم على بعض


11- الابتلاءات لرفع الدرجات 
-          وهذا يقال في كل ابتلاء من الابتلاءات التي يصاب بها الإنسان في حياته - إنما أراد الله تعالى أن يرحمه بها وأن يرفع بها درجاته، وأن يفيض عليه من رحماته في الدنيا وفي الآخرة


صلـّوا عباد الله على أرحم الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نبي الرحمة




اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد
اللهم ارض عن أصحابه الحنفاء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك




انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الثالثة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 "الرحمن الرحيم" 


مكتبة خطبة "الرحمن الرحيم" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)


والحمد لله رب العالمين












الخطبة الرابعة - في قوله تعالى
 ((مالك يوم الدين)) 
الجمعة 9 ربيع الثاني 1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة




ملحوظات نصية من الخطبة

الحمد لله ذي العزة والملكوت رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
أحمده سبحانه وأعظـّمه وأمجّده وأثني عليه الخير كله
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن نبينا محمد عبده ورسوله وصفيّه وخليله وخيرته من خلقه
أرسله بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ففتح به أعيُنا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا
فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

أما بعد،،،



1- اتقوا الله في قراءتكم لسورة الفاتحة 
-          فاتقوا الله أيها المصلـّون في قراءتكم لسورة الفاتحة
-          فكم فيها من أسماء الله عز وجل وكم فيها من المعاني العظيمة والدلالات الحكيمة والآداب الرفيعة
-          إنها أعظم سورة في كتاب الله عز وجل
-          فهي أعظم السور أجرا وأعظمها معانٍ
-          فقد اشتملت على كل المعاني التي جاء بها القرآن الكريم
-          فمن تدبرها وأمعن النظر فيها فإنه يحصل على خير كثير من الأجر والمعاني والهدايات والأخلاق



2- هي آية المجد 
-          وموعدنا اليوم مع الآية الثالثة من هذه السورة العظيمة
-          مع الاسم الخامس من الأسماء التي اشتملت عليها هذه السورة
-          وذلك قول الله عز وجل "مالك يوم الدين"
-          حيث يقول الرب عز وجل حينما يتلو العبد هذه الآية "مجّدني عبدي"
-          فهي آية المجد – تمجيد الله عز وجل
فالتالي لهذه السورة في كل ركعة يمجّد الله عز وجل ويعظـّمه ويُكبّره ويُجلـّه




3- تلازم صفات الألوهية والربوبية والرحمة والعَظـَمة 
-          وتأتي هذه الصفة وهذا الاسم الكريم بعد أسماء وصفات الربوبية والرحمة والرحيمية
-          فهذه السورة قد سمى الله نفسه فيها باسمه العظيم "الله" وذلك ما نجده في الآية الأولى "الحمد لله"
-          و"ربّ" في قوله "رب العالمين" وبالرحمن الرحيم وبمالك يوم الدين
-          ويأتي هذا الوصف وهذا الاسم الشريف بعد تلك الصفات التي تدل على رحمة الله عز وجل وربوبيته وعلى هدايته ورزقه للعالمين وعلى أفضاله وألطافه
-          لتبيّن جانبا آخر من صفات الله عز وجل التي ينبغي أن لا يغفل عنها العبد وهي صفة العظـَمة




4- سورة الفاتحة: ميزان الرجاء والخوف 
-          فمن عَظـّم الله عز وجل فإنه لا يجترىء على محارمه وعلى الوقوع فيما يغضبه أو يسخطه
-          فإن الإنسان قد ينخدع بما يكون من وجوه الرجاء فجاء هذا الأمر ليوازن بين الجانبين وليطير الإنسان في هذه الحياة ويعيش فيها بهذين الخافقين: بجانب الرحمة والرجاء وبجانب أيضا الخوف والشفقة
-          فإذا عظـّم العبد ربه عز وجل ومجّده فإنه يأتي إلى ما يحبه ويقربه إليه عز وجل
-          إن تمجيد الله عز وجل يورث في العبد محبة لمن عظـّمه وهو الله عز وجل مالك يوم الدين
-          وذلك يورث محبته والاستجابه له سبحانه وتعالى والرغبة فيما يرضيه والحرص على الإتيان بكل ما يقربه إلى الله عز وجل ذلك الملك العظيم





5- لا مُلك إلا لله الواحد القهار
-          فقول الله عز وجل "مالك يوم الدين" أنه هو المتفرّد بالمـِلك والمُلك يوم الدين
-          فملوك الدنيا جميعهم ينتهي ملكهم بانقضاء مدة حكمهم أو بانقضاء مدة حياتهم في هذه الدنيا ثم ينقطعون عن الملك ويكونون كسائر البشر
-          أما مُلك الله عز وجل فإنه ملك دائم فهو ملك الملوك في الدنيا ولا مُلك يوم القيامة إلا لله عز وجل "ملك الناس إله الناس" سبحانه وتعالى





6- الملك لله وحده الذي يقهر الجبابرة ويكسر أعناق الأكاسرة 
-          وحين ينادي الحق سبحانه وتعالى يوم القيامة "أنا الملك. أنا الواحد الديّان" ويقول "لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد ثم يجيب نفسه بنفسه "سبحانه وتعالى "لله الواحد القهار"







-          أي أن المُلك له سبحانه وتعالى
-          له وحده الذي يقهر الجبابرة ويكسر أعناق الأكاسرة فلا مُلك إلا له سبحانه وتعالى





7- مالكٌ عظيم ومَلِك جليل 
-          ومعنى هذا أنه يجب على العبد أنه مهما مَلك ومهما بلغ مُلكه وملكوته ومهما عظمت ثروته فإن فوقه مالكٌ عظيم ومَلِك جليل سبحانه وتعالى فذلك يورثه التواضع له جل في علاه
-          نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لنا في القرآن العظيم وفي هدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم











(الخطبة الثانية) 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه
أحمده سبحانه تعظيما لشأنه
وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وأصحابه


أما بعد،،،


8- نظام الحياة وانتظامها ما بين الرئيس والمرؤوس، ولله المثل الأعلى 
-          أرأيتم يا عباد الله كيف يكون نظام الناس في الحياة
-          فهم ما بين رئيس ومرؤوس
-          فإذا أطاع الناس رئيسهم في المعروف فإنها تنتظم حياتهم وتقوم حضارتهم وينعمون بالرفاهية ومن ثم بالعزة والسؤدد والتمكين
-          فإذا عصا الناس ملكهم وتمردوا عليه بغير حق وطغوا وتجبروا فإنه يفسُد هذا النظام وتحدث القلاقل والفتن ويكثر الهرج والمرج والقتل ويتشر الخوف والذعر بين الناس لأنه ليس ثمة نظام يضبطهم
-          فإذا كان هذا في أمر الدنيا فما ظنكم بالمالك وبملك الله عز وجل
-          ولله المثل الأعلى




9- ظهر الفساد ... بما كسبت أيدي الناس .. لعلهم يرجعون 
-          فإن الناس إذا عصوا الله عز وجل المالك الملك وتمردوا وفسدوا وطغوا وتجبروا فإن الملك عز وجل لا يرضى لملكوته ولأوامره ونواهيه ومحارمه أن تنتهك
-          فيسلط الله عليهم غضبه ومقته
-          فالاستجابة لله عز وجل وطاعته سبحانه وتعالى وطاعة رسله تجلب الأمن والاستقرار في النفوس أوّلا ويهدأ بها البال ويصلح بها الحال
-          ومن ثم إذا صلحت الأفراد صلح المجتمع بأسره بإذن الله تعالى
-          فإذا راقب الناس ربهم عز وجل واستجابوا لهداياته ولتوحيده سبحانه وتعالى وعملوا له وحده فإن ذلك ينشر الأمن والرفاهية والاستقرار وتطمئن به الأوطان وينتشر الأمن والإيمان في النفوس وفي البلدان




10- "مالك يوم الدين" تربط الدنيا بيوم الدين 
-          وفي قول الله عز وجل "مالك يوم الدين" ما يحفز المؤمن على أن يرتقي بأعماله إلى مراتب السموّ وأن يرتقي بمقاصده وأهدافه إلى مقاصد سامية وأهداف رشيدة لا تنتهي عند أمد الدنيا وإنما تمتد إلى الآخرة إلى يوم الدين يوم الجزاء ويوم الحساب
-          فإن من آمن بذلك فإنه يخلص العمل لله عز وجل ويجتهد في طاعة الله تبارك وتعالى ولا ينحصر نظره على أمور الدنيا وإنما يرتقي بنفسه ويسمو بنفسه إلى أكمل الأخلاق وإلى أحسن الأعمال فيتقن عمله ويقوم بوظيفته وواجباته وبرعاية أسرته ويتحلى بأكمل الأخلاق أن ذلك كله يُجزى عليه يوم الدين
-          أما إذا كانت نظرة الإنسان دنيوية أو محصورة على مصالح الدنيا فقط فإنها تنتهي بانتهاء هذه المصالح
-          أما إذا كان مقصده أسمى فإنه لا يتنهي عمله الخيّر إلا عند الله عز وجل إلى يوم القيامة







11- عمل وخُلـُق وقول في الدنيا لإرضاء الله عز وجل مالك يوم الدين
-          فهو في عمل دؤوب وفي أخلاق حسنة وفي قول طيب وفي قيام برعاية ما أسند إليه وما أوكل إليه وما حُمّل من الأمانة يجتهد في أدائها على أكمل وجه لإرضاء الله عز وجل يوم الدين
-          متأسيا بأفضل الخلق وأكرمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
-          مصليين ومسلـّمين عليه، فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا





اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك
يا رب العالمين

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار



*****
مالكٌ عظيم وملكٌ جليل
 جميع الصور في خطبة  "مالك يوم الدين"  هي صور فعلية للكون 
ولمجرّة المجموعة الشمسية التي تضم الأرض
ولمجرّات تبعد عن الأرض ملايين السنوات الضوئية
تم التقاطها بواسطة تليسكوبات وكالات الفضاء الخارجي
*****



انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الرابعة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
"مالك يوم الدين"


مكتبة خطبة "مالك يوم الدين" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× الملف الصوتي للخطبة
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)
× اضغط هنا للانتقال إلى صفحة "خطب الجمعة" للمزيد من الخطب في هدايات القرآن الكريم









الخطبة الخامسة - في قوله تعالى
 ((إيـّاك نعبد)) 
الجمعة 16 ربيع الثاني 1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة





ملحوظات نصية من الخطبة 



الحمد لله الذي أنزل علينا أفضل كتبه
وأرسل إلينا أفضل رسله نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


أما بعد،،،

1- عبادة الله عز وجل أعظم المقاصد وأسناها 
-          فاتقوا الله عباد الله واعبدوه حق عبادته
-          فإن عبادة الله عز وجل أعظم المقاصد وأسناها وأشرفها وأزكاها
-          وقد تحدّث الله تعالى عنها في سورة أم القرآن في الآية الرابعة حيث قول الحقّ تبارك وتعالى :




2- إنما استحق هذه العبادة لأنه سبحانه عز وجل هو وحده الذي يستحق الحمد 
-          وتأتي هذا العبودية في هذه السورة العظيمة، يأتي الحديث عنها بعد جُمل الثناء من تحميد الله عز وجلّ والثناء عليه وتمجيده، لتبيّن أنه سبحانه وتعالى إنما استحق هذه العبادة لأنه سبحانه عز وجل هو وحده الذي يستحق الحمد، كمال الحمد والثناء والتمجيد
-          فهو الحقيق بالعبادة، والعبادة هي التذلل والخضوع والخشوع لله عز وجل





3- فالعبد يتذلل لله عز وجل ويخشع له لأنه هو المتفضل عليه 
-          فالعبد يتذلل لله عز وجل ويخشع له لأنه هو المتفضل عليه وهو المنعم فإنه أوجده بعد عدم كما قال تعالى
-          وأحياه بعد موت كما قال تعالى :
-          وجعل له السمع والبصر والفؤاد بعد أن لم يكن يمتلك شيئا من تلك الوسائل والمدركات



4- أرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه ليميّز الإنسان عن جميع المخلوقات العابدة 
-          ثم أرسل رسله وأنزل كتبه ليميّز هذا العبد من بين تلك المخلوقات الصامتة العابدة
-          ليميّزه بتوحيده وباستخلافه على هذه الأرض ليكون ملكا لهذه الأرض
-          هو الذي جعلنا سبحانه مستخلفين في الأرض :


5- نِعم الله تعالى على العباد لا تعد ولا تحصى 
-          فنِعم الله عز وجل وأفضاله علينا لا تحصى ولا تعد
-          فإنه ما من نعمة على الإنسان إلا من الله عز وجل
-          وإنما ما عداه أسباب يوصلون هذه النِعم
-          ولهذا قال الله عز وجل


6- العبودية أشرف وأجمل وأحسن الأوصاف 
-          ولما كانت العبودية والعبادة بهذه المثابة وبهذه المنزلة عند الله عز وجل كانت هي أول ما يدعو إليه الرسل في دعوتهم إلى الله عز وجل
-          ولما أثنى الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أشرف المقامات وصفه بالعبودية لأنها أجمل الأوصاف وأحسنها وأكملها فقال سبحانه
وقال سبحانه
وقال جلّ في علاه


7- شَرَع المصلـّي بالفاتحة، فسبّح وحمد وأثنى ومجّد، فأُذِن له إعلان العبودية، فناجى "إياك نعبد" 
-          هلمّ بنا نتأمل هذه الجملة الكريمة في هذه السورة العظيمة في قوله سبحانه "إياك نعبد"
-          أي لا نعبدُ إلا أنت سبحانك
-          فلهذا قدّم قوله "إياك" أي لا نعبد سواك ، وهنا تكمن لذّة المناجاة
-          فإن العبد حينما شرع في سورة الفاتحة كان واحدا من بين تلك الخلائق العظيمة التي تسبح الله وتحمده وتثني عليه وتمجّده، فلما فـُتح له الباب واقترب من عتبات المقامات العليا، أُذن له بأن يُعلن عبوديته لله وأن يخاطب الله عز وجلّ بهذه المخاطبة التي يتفضل الله تعالى بها علينا في كل ركعة بين يديه سبحانه وتعالى تقدّس اسمه وتعالى جدّه




8- عندما يتلفّظ اللسان والقلب والوجدان والمشاعر "إياك نعبد" 
-          فالعبد حينما يتلفّظ بهذه الكلمة بلسانه وبقلبه وبوجدانه وبكل ما يمتلكه من المشاعر والتأمل والتدبر إنما هو يخاطب الله عز وجل في علاه
-          فقد أذن الله تعالى لنا بهذه المناجاة وهذا تفضُّل منه سبحانه وتعالى
-          وإنما فتحها الله تعالى لنا حينما بلغنا هذا المقام الشريف وهو مقام العبودية




9- "إياك نعبد" التذلل من المصلـّي بلسان الخلق 
-          ثم تكمُن أيضا لذّة الشفقة على الخلق، فالداعي واحد: وهو المصلـّي والتالي لهذه الآية يقول "إياك نعبد" ولم يقل (إياك أعبد)
-          لأنه يعلم أن الجميع عُبّاد لله عز وجل
-          فما من أحد إلا وهو عبد لله تبارك وتعالى
-          فهو يتكلم بلسانه وبلسان من حوله من الخلائق أنهم كلهم عبيد لله عز وجل
-          متذللين خاضعين خاشعين له سبحانه وتبارك وتعالى









(الخطبة الثانية) 



الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه


أما بعد،،،


10- العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى، تنفث الروح في حياة الإنسان 
-          فإن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال والأخلاق
-          فهي من الأسماء الجامعة ومن المصطلحات الإسلامية الشاملة التي تأتي على حياة الإنسان كلها لتنفث فيها الروح ولتصطبغ بصبغة الدين بمحبة الله عز وجل وبخوفه ورجاءه
-          فكل ذلك من أنواع العبودية التي تشملها هذه الكلمة العظيمة، والتي انتدب الله تعالى رسله إليها ودعانا إليها في قوله
-          ومعنى هذا أن العبادة ليست بأقوال مجرّدة ولا بأعمال صمّاء، وإنما هي أقوال باللسان واستشعار بالقلب وعقيدة وسلوك وأخلاق : هي بهذا الكمال وبهذا الجمال والجلال




11- المصلـّي دون تدبـّر كالجسد بلا روح 
-          فالمصلـّي الذي يقوم بين يدي الله تعالى دون أن يتدبر ودون أن يخشع ويتذلل ويخضع لله عز وجل إنما هو جسم بلا روح
-          جسم آله ترتفع وتنزل، وتخفض وترفع، ويُسمع لها صوت
-          لكنها خالية من الخشوع والهدوء والطمأنينة والخضوع بين يدي الله عز وجل




12- العبودية تورث أخلاقا حسنة وأقوالا حميدة وأفعالا جميلة 
-          وهكذا العبادة إذا لم تكن كذلك، فإنها لا تنفع صاحبها
-          فالعابد الذي لا تظهر عبادته على أخلاقه وسلوكه وأفعاله هو في الحقيقة ليس بعابد، أو أنه في طريق آخر وفي عمل آخر غير العبودية
-          فالعبودية لله عز وجل، العبادة الحق لله تبارك وتعالى تورث أخلاقا حسنة وأقوالا حميدة وأفعالا جميلة:
-          برا بالوالدين وإحسانا إلى الجيران وقياما بالوظائف المناطة به على أحسن وجه
-          فهو يعبد الله عز وجل في أخلاقه وفي أقواله وفي أفعاله وفي حركاته وسكونه حتى في نومه هو عابد لله عز وجل، لأنه يتقوّى بهذه النومة على طاعة الله تبارك وتعالى




13- بين الركعة والركعة، وبين الصلاة والصلاة، يترقـّى الإنسان في معارج العبادة 
-          فلهذا العبادة هي بمعنى أشمل تشمل حياة الإنسان منذ إدراكه إلى أن ينتهي من هذه الحياة
-          فأي خلل هو خلل في مفهوم هذه العبادة
-          ولهذا على العبد إذا وقع في الخطيئة والذنب أن يبادر بالأوبة والاستغفار والإنابة إلى الله عز وجل
-          وهذه التلاوة التي نتلوها في سورة الحمد في كل ركعة تذكـّرنا بهذه المعاني الجليلة وتوقد في قلوبنا وتذكـّر أعضاءنا وأسماعنا وأبصارنا وأفئدتنا بما عليها من عبادة الله عز وجل في صلاتها أوّلا، خشوعا واطمئنانا ولذّة ومناجاة بين يدي باريها سبحانه وتعالى، وفي خارج مصلاه إلى أن ينتقل، فهو بين ركعة وركعة في عبادة، وبين صلاة وصلاة في عبادة
-           فهو يتنقل ويترقّى في معارج تلك العبادة، سالكا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل العِباد، العبد الشكور لله عز وجل، ألا فصلوا وسلموا عليه فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا




اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك
يا رب العالمين




انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الخامسة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 "إيّاك نعبد" 


مكتبة خطبة "إيّاك نعبد" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية: 
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)












الخطبة السادسة - في قوله تعالى
 ((وإياك نستعين)) 
الجمعة 23 ربيع الثاني 1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة






ملحوظات نصية من الخطبة 

إن الحمد لله  نستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له
وأن نبينا محمد عبده ورسوله أرسله الله تعالى بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة
اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين

أما بعد،،،

فاتقوا الله تعالى أيها المصلـّون فيما تتلونه بين يدي الله تعالى في كل ركعة في صلواتكم المفروضة والنافلة، والتي تتلون فيها سورة الفاتحة، سورة أم القرآن، أم الكتاب، التي اشتملت على أم المعاني الجليلة والآداب الربّانية التي ينبغي على التالي أن يتأملها وأن يتخلـّق بها
وموعدنا اليوم مع قول الله عز وجل


1- ولعبدي ما سأل 
-          وفي الحديث الشريف القدسي "فإذا قال العبد إياك نعبد وإياك نستعين" قال الله تعالى "هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل"


-          أما الذي لله فهي العبادة
-          وأما الذي للعبد فهي المعونة التي يستعين بها العبد ويطلبها من الله عز وجل على أداء عبادة الله تعالى وطاعته وشكره
-          ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ "إني أحبك فلا تَدعَنّ دُبر كل صلاة أن تقول اللهم أعِنّي على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك"



2- "وإياك نستعين" تعلـّم العبد الإخلاص 
-          هلم بنا عباد الله إلى هذه الجملة القرآنية التي اشتملت على مفردتين في كل مفردة منها منفصلة، أو مجتمعة مع أختها، من المعاني الجليلة والحكم البليغة التي ينتفع بها مَن تدبّر بها وأمعن النظر فيها وأرخى سمعه للإنصات إليها والاستماع إليها بقلب شهيد
-          إن هذه الآية "وإياك نستعين" تُعلـّم العبد الإخلاص لله عز وجل
-          فهو لا يستعين إلا بالله عز وجل ولهذا قال الله تعالى "وإياك نستعين" ولم يقل "نستعين بك" أي لا نستعين إلا بك، وهذه الاستعانة هي الخاصة بالله تبارك وتعالى وهي التي لا تُطلب إلا منه سبحانه ولا يقدر عليها إلا هو




3- الأخذ بالأسباب 
-          وأما ما عداها ممن يُطلب منه المعونة فإنما هي أسباب أو آلات يُسخّرها الله عز وجل لتحقيق ما يصبو إليه العبد ولما يتفضل به الله تعالى على المؤمنين
-          وهذا، ولله المثل الأعلى، كمثل من دعى أضيافا إلى مائدة فنصب عليها من أصناف المطاعم والمآكل والمشارب ثم أقام عليها خدَما يخدمون هؤلاء الضيوف
-          فهؤلاء إنما هم أسباب ولكن صاحب الوليمة هو المتفضِّل


4- الشِرك 
-          وهكذا هذا الكون إنما هو من صُنع الله عز وجل وما فيه من شيء إلا بأمره
-          وأما أولئك الذين يوصلون الأسباب ويؤدون إلى تحقيقها فإنما هم بأمر الله عز وجل وبرحمته وبتفضله
-          وهناك أمور لا يمكن أن تُطلب إلا من الله عز وجل فلا ينبغي أن تُصرف إلا له ولهذا يتبين لنا خطأ من يذهبون إلى شياطين الإنس والجن من العرّافين والسَحَرة وأشباههم أو ممن يتوسلون بالموتى وبالأضرحة
-          إنهم يطلبون شيئا من أولئك لا يقدرون عليه ولا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل
-          فهذا من الشِرك الذي نهانا الله تعالى عنه


5- من أدب الدعاء: الحمد والثناء قبل الطلب 
-          ثم تأملوا قول الله مرة أخرى "وإياك" "إياك نعبد وإياك نستعين" يعلـّمنا الله تعالى عز وجل أدب الخطاب ولذة المناجاة في هذه الجملة القرآنية البليغة
-          فالعبد حينما فـُتح له الباب أذِن الله تعالى له بالمناجاة فخاطب الله تعالى على وجه الإفراد وكأنه توجّه إلى الله عز وجل بكليّته وبجميعه، بقلبه وبقالبه إلى الله عز وجل، لا يشتغل بشيء، بأي أمر من الأمور مما يصرفه عن الله عز وجل
-          وأيضا أدب الخطاب، فهو لم يطلب هذا الطلب إلا بعد أن تقرب إلى الله عز وجل بما فتح الله عليه من تعظيم الله وثنائه وحمده وتمجيده




6- الاستعانة دعاء وطلب 
-          والاستعانة طلبٌ من الله، فهي بوّابة الدعاء لهذه السورة "وإياك نستعين" إنه يطلب العون من الله عز وجل
-          فما أحوجنا إلى أن نرتقي وأن نهذّب نفوسنا وألسنتنا وعقولنا وعواطفنا بأدب القرآن


7- من أدب الدعاء:  تعظيم الله سبحانه وتعالى 
-          وثمّة أدب آخر في المفردة التالية، وهي الاستعانة، حيث جاءت على وجه الجمع "وإياك نستعين"، وهذا فيه إجلال وإعظام لله عز وجل وتعظيم لمقام الله وجلالِه، لأنه يستعين به الخلق أجمعين فيقول إنما أنا واحد من خلقِك أستعين بفضلك مع أولئك المستعينين من شتى أنواع الخلائق، ومن شتى أنواع العوالم، عواليها وسـُفلِيّها، كلهم يستعينون بك، فإنما أنت المستعان وأنت المتفضِّل على الجميع سبحانه وتعالى
-          فهذا أيضا أدب آخر من الآداب التي ينبغي على الداعي وهو يدعو الله عز وجل أن يعظـّم الله سبحانه وتعالى
-          فبقدر ما يعظـّم العبد ربه سبحانه فإنه يكون ذلك من دواعي الإجابة وتحقيقها بفضل الله تعالى وبرحمته


اللهم أعِنّا على ذكرِك وعلى شكرك وعلى حُسن عبادتك .



(الخطبة الثانية) 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه
أحمده سبحانه تعظيما لشأنه وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وأصحابه


أما بعد ،،،


8- من استعان بغير الله تعالى، وُكل إليه 
-          فإن الاستعانة التي نطلبها من الله عز وجل في كل صلاة هي نوع من أنواع العبادة التي جاءت في قوله "إياك نعبد"، وإنما خُصَّت بالذِكر من بين أنواع العبادات والطاعات لأهميتها البالغة، لأنها إذا افتقدها العبد وُكِل إلى نفسه، أو وُكِل إلى من استعان بهم من غير الله عز وجل، فيخسر نفسه، ويخسر الدنيا والآخرة



-          ولهذا جاء التأكيد عليها في هذه الآية وفي آيات أخَر، كقول الله عز وجل
وكقوله سبحانه
 



9- الاستعانة بالصلاة والصيام 
-           وفي هذا أدب للمستعين أن ينتفع من صلاته، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حزَبَه أمر فزِع إلى الصلاة
-          ولمّا نُعي إلى حَبر القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أخوه قـُـثَم وهو في طريقٍ في سفره، استرجع وأناخ ناقته، ثم صلى وأطال في صلاته، ثم أخذ يتلو قول الله عز وجل
-          والصبر هنا هو الصيام والصلاة هي الصلاة المعروفة التي نتلو فيها هذه الآية


10- طلب الاستعانة هو بحد ذاته توفيق للعبد، يطلبه من الله تعالى 
-          فإن المصلي حينما يقرأ هذه الآية في كل ركعة، إنما هو يستعين بالله عز وجل
-          فعليه أن يطلب هذه الاستعانة بقلب خاشع، بقلب واع، بلسان ذاكر
-          يتبع ذلك سلوك وعمل وقول طيب وأخلاق حسنة
-          ولهذا لمّا كانت الاستعانة بهذه المثابة، أكد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلب منا أن ندعو الله عز وجل أن يوفقنا إليها، أن نطلب من الله تعالى أن يعيننا، من وُفِّق إلى طلب الاستعانة فقد وُفّق إلى خير كثير، وفُتِح له باب عظيم من أبواب الرزق
-          ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "استعِن بالله ولا تعجَز"، "واستعينوا بالغَدوة والرَّوحَة وشيء من الدُلجَة"





11- الأدب النبوي الشريف في الاستعانة بالله في الصلاة وبعدها 
-          فينبغي على العبد أن يطلب من الله عز وجل هذا الدعاء في تلاوته هذه الآية في كل ركعة بهذا الخشوع وبهذا الأدب
-          وعندما ينتهي من صلاته، أن يأخذ بالأدب النبوي أيضا الذي هو ترجمان القرآن "اللهم أعِنّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسن عبادتك"
-          فلا ينبغي على العبد أن يُخلي نفسه من هذا الخير ومن هذه الدعوة الطيبة التي أرشدنا إليها النبي الشفيق، الرحيم، الرؤوف بأمّته، والذي أُمِرنا بالإكثار من الصلاة والسلام عليه

فصلوا وسلموا عباد الله عليه، وأكثروا من الصلاة والسلام عليه، وطيّبوا ألسنتكم، وأسماعَكم، وقلوبَكم بعاطِر ذكره عليه الصلاة والسلام 
فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا



اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك
يا ذا الجلال والإكرام

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار



انتهى بفضل الله ملخص الخطبة السادسة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
"وإياك نستعين" 




مكتبة خطبة "وإياك نستعين" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)












الخطبة السابعة - في قوله تعالى
 ((إهدنا الصراط المستقيم)) 
الجمعة 30 ربيع الثاني 1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة






ملحوظات نصية من الخطبة 

الحمد لله يقول الحق وهو يهدي السبيل
والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير والداعي إلى الصراط المستقيم
صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وكرّم

أما بعد،،،

-          فاتقوا الله أيها المؤمنون وتدبروا سورة الفاتحة بتلاوتها تلاوة متأنية مُتّئِدة
-          وبالاستماع إليها بإنصات وخشوع وإخبات


1- سورة الدعاء 
-     فإن المتأمّل في مثانيها يجد أنها اشتملت على أدب الدعاء ولهذا سُمّيت هذه السورة بسورة الدعاء
-          لأن آياتها الأولى هي ثناء وتعظيم وتمجيد لله عز وجل
-     وهكذا ينبغي على الداعي أن يعظـّم الله عز وجل، وأن يتحنّن ويتودد إليه برحمته وبلطفه سبحانه
-          وينطرح بين يدي الجبّار بالعبادة الخاشعة وبالاستعانة الحقيقية لله وحده
-          فإذا فعل ذلك فقد شُرعت له أبواب السماء وفُتحت له أبواب الدعاء
-     ولهذا جاء قول الله عز وجل "إهدنا الصراط المستقيم" بعد تلك الجُمل الربّانية التي اشتملت على أنواع الحمد والثناء والتمجيد والتعظيم وإعلان العبودية والاستعانة لله

 

2- الهداية، والتوفيق، والثبات 
-          فالتالي لسورة الفاتحة هو يطلب من الله عز وجل أن يهديه الصراط المستقيم
-          يقول إهدنا، أي وفّقنا وثبّتنا إلى الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه
-          والمصلـّي قد هُدي إلى الصراط المستقيم فعلا
-     لكنه يطلب من الله تعالى الثبات عليه، ويطلب من الله تعالى أن يوفّقه لما يستقبله من أحداث الحياة، أن يوفقه إلى سلوك الطريق الوسط، الطريق المعتدل، وأن يهديه في كل حدث من أحداث الحياة



3- الهداية إلى التعامل والخُلـُق والقول كما هو إلى العبادات 
-     فإنه يواجه في حياته صباحا ومساء صنوفا من البشر وأنوعا من المعاملات وأصنافا متعددة من مشاكل الحياة وقضاياها، ما بين فرح وترَح، وما بن حزن وغضب، ووما بين فقر وغنى، ورِفعة وخفض
-     فإذا لم يكن العبد مصحوبا بهداية الله تعالى ومُوفَقا إليها، فإنه ربما يقع في الخطيئة، فضلما ندّت منه عبارة، أو سبق منه لسان، أو سبقت منه يد أو رِجل إلى ما يغضب الله عز وجل
-     فإذا لم يُحَط بعناية الله وبهدايته ، بهذا السياج الواقي الذي يحميه من الانزلاق في تلك الأحداث عن الصراط المستقيم، إذا لم يكن متوقّ بهذا الدعاء فإنه ربما وقع في الزلة وربما وقعت الخطيئة



4- مقدار الفوز بمقدار الثبات على الكتاب والسنة 
-     فلهذا هو يطلب من الله عز وجل في كل ركعة أن يمدّه بهدياته وأن يثبّته عليها وأن يزيده منها
-          يقول "إهدنا الصراط المستقيم" أي أرشدنا إلى الصراط المستقيم وثبّتنا عليه
-     وهذا في كل أمر من الأمر الدينية والدنيوية، وبقدر ما يكون المرء على ثبات وعلى هداية إلى هذا الصراط المستقيم، وهو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والامتثال بما جاء فيهما، والانتهاء عما نهيا عنه، بقدر ما يكون على ذلك من المحافظة والثبات والتمسّك، بقدر ما يفوز



5- الصراط المستقيم وصراط جهنم 
-     والصراط حينما يُنصب على متن جهنم، فما بين ناجٍ ومخدوش ومكردس في النار، نسأل الله السلامة
-          ولهذا ينبغي على المؤمن أن يداوم وأن يدعو الله عز وجل بقلب خاشع
-     وكلما سلك طريقا ممتدا، يذكر ذلك الصراط، الذي سيُنصب على متن جهنم، وما من أحد إلا وهو ماض فيه


-          ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب



(الخطبة الثانية) 

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن نبينا محمّد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا


أما بعد،،،



6- طلب الهداية العامة 
-          فإن طلب الهداية جاء في هذه الآية الكريمة على وجهين
-     أحدهما بلفظ العموم بحيث يشمل جميع الناس، وجميع الداعين، وجميع الموحدين لله عز وجل
-     فالتالي لقول الله عز وجل "إهدنا الصراط المستقيم" يطلب من الله عز وجل أن يثبّته على الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح مع جماعة المسلمين
-     وهذا فيه إشارة إلى وِحدة الجامعة الإسلامية، وأن المؤمن هو واحد من هذا الكيان، وهو بحاجة إليه، كما أن هذا الكيان بكامله بحاجة إليه
-          فهو يدعو للمسلمين أجمع أن يهديهم الصراط المستقيم





7- الرحمة بمعيّة الصالحين 
-     وأما حاجته، فإنه لن يَعدم رحمة الله عز وجل، ولن يَعدم إجابته إذا كان في جماعة المسلمين، لأنهم لا يَخلون من عابد، وعالمِ، وتقيّ، وصالح، وخاشع
-     فهو، وإن كان فيه ما فيه من الخطأ ومن التقصير، إلا أن رحمة الله تعالى لتلك الأمّة تشمله بفضله وبرحمته
-          وهذا ما نجده في أدعية الصلاة كلها "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"
-     فهكذا يدعو الإنسان لنفسه ولإخوانه، وإخوانُه يدعون له، فتتجاوب تلك الأدعية، ليستجيب الله تعالى دعاء كلا منهما للآخر
-          وهذا من رحمة الله تعالى ومن هدايته


8- طلب الهداية الخاصة 
-     أما الوجه الثاني فإنه جاء إلى طلب الهداية إلى الصراط المستقيم دون تحديد أمر معيّن من قول، أو فِعل، أو خُلـُق، أو تَرك، أو أخذ، أو ما إلى غير ذلك، ليشمل ذلك كله
-     فالعبد يطلب من الله تعالى أن يهديه إلى أحسن الأخلاق، وإلى أطيب الأقوال، وإلى أجمل الأفعال، وما إلى غير ذلك من أنواع الهدايات
-          والله تعالى واسع الرحمة، والله تعالى كريم، لا يخذل عباده
-          فيطلب المرء بهذا الدعاء الهداية في كل شأن من شؤون حياته



9- هداية التوفيق وهداية الدلالة  
-          وها هنا أمر ينبغي أن نتنبّه إليه، وهو أنه جاء في بعض الآيات
وجاء في أخر
فنفى الله عنه الهداية في موضع، وأثبتها له في موضع آخر عليه الصلاة والسلام
-          وذلك أن الهداية تأتي على أقسام، منها هداية توفيق، وهداية دلالة



10- هداية الدلالة 
-     أما الهداية التي أثبتها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولسائر الخلق فهي هداية الدِلالة
-          فالعبد والمؤمن والرسل، كلهم يدعون إلى الله عز وجل، ويهدون إليه


11- هداية التوفيق 
-     أما الهداية الخاصة بالله تعالى، فهي هداية التوفيق – أن يُلهَم العبد التوفيق، وأن يُهدَى إلى الصراط المستقيم، وأن يُثَبَّت عليه، وأن يتزوّد منه بفضل الله تعالى وبرحمته
-     فهو مفتقر إلى الله، والكلّ جميعهم، رُسُلهم، وملائكتهم، وسائر الخلق، كلهم مفتقرون إلى هذه الهداية، وهذه لا يملكها إلا الله عز وجل





12- العمل لهداية الدلالة والدعاء لهداية التوفيق 
-     ولهذا ينبغي على من يقوم بأمور التربية من الآباء والمعلمين والموجهين والدعاة أن يبذلوا وسعهم في النوع الخاص بهم، وهو هداية الدلالة، ولا يغفلوا عن هداية التوفيق، فيطـّرحوا بين يدي الله عز وجل، ويتضرعوا إلى الله عز وجل أن يهدي أولادهم وذرياتهم ،وأن يصلح أحوالهم، وأن يوفّقهم، وأن يثبتهم
-     فهو مهما بذل من المال، ومهما بذل من الوُسع، والاجتهاد، والدِلالة، وبيّن من العِلم، والمتابعة، وبذل جهده كله، فإنه لن يبلغ توفيق الله عز وجل إلا بالدعاء إليه
-     أن يدعو الله عز وجل أن يمنحهم الهداية والتوفيق والصلاة، ولا يقنَط من رحمة الله تعالى




13- من دعا فقد فاز 
-     فإنه إما أن يستجاب له، وإما أن يُدّخَر له ما هو أحسن عند الله عز وجل، وإما أن يُدفَع عنه من السوء بمثل هذه الدعوة
-     ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب الهداية لقومه ويقول "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"
-     ولهذا تأسّوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثِروا من هذا النوع من الدعاء الذي كان يدعوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم


14- الاستجابة مربوطة بالصلاة والسلام علي نبي الهدى عليه الصلاة والسلام 
-     ولا تنسوا أن تصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدعيتكم، في أولها، وفي خواتمها، فإن إجابة الدعاء مربوطة بهذه الصلاة، والله تعالى يستجيب لمن صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول دعائه، ويستجيب لمن صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر دعائه
-          فما ظنكم بما بين هاتين الصلاتين
-          إنه أحرى بالإجابة من الله الكريم الجواد المتفضِّل
-          فأكثروا رحمكم الله من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم



اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن سائر أصحاب نبيك وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك
يا رب العالمين



انتهى بفضل الله ملخص الخطبة السابعة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 "إهدنا الصراط المستقيم" 


مكتبة خطبة "إهدنا الصراط المستقيم" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)









  



الخطبة الثامنة - في قوله تعالى
 ((صراط الذين أنعمت عليهم)) 
الجمعة 7 جمادى الأولى 1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة





ملحوظات نصية من الخطبة 

الحمد لله حق حمده
ليس كمثله شي وهو السميع البصير
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


أما بعد،،،

-          فإن تقوى الله تعالى عنوان عباد الله الصالحين
-          فمن أراد أن يلحق برِكابهم وينطوي تحت لوائِهم فعليه بتقوى الله تعالى

1- الله تعالى عز وجل يستجيب للتالي لهذه الآية في كل تلاوة لسورة الفاتحة العظيمة 
-     ثم إنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث القدسي الذي يرويه عن الله عز وجل، أن العبد إذا قال في سورة الحمد "اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم..." إلى آخر الآية، قال الله تعالى "هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل"
-     فهل أنصت التالي في صلاته، وهو يتغنى بكتاب الله عز وجل، بين يدي الله عز وجل، هل تدبر هذه الاية، وهل أرعى سمعه وأنصت لله عز وجل وهو في عليائه، بعد أن تلى هذه الآية بين يديه تبارك وتعالى، يجيبه الرب سبحانه وتعالى فيقول "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"
-     أي أن الله تعالى يستجيب للداعي بهذا الدعاء في كل ركعة، وفي كل صلاة، وفي كل تلاوة يتلوها لهذه السورة العظيمة



2- الطلب من الله تعالى ليس كالطلب من غيره 
-     الواحد منا، ولله المثل الأعلى، إذا أراد أن يسأل أحدا في حاجة إليه، تراه يُعِدّ من طيّب الكلام ومن التجمّل بأحسن اللباس، وربما تملـّكه من الخجل وتملـّكته مشاعر جمّة وهو يدلي بحاجته إلى من هو في حاجة إليه
-          أفلا تكون هذه الحالة، وهي بين يدي الله تعالى، كذلك
-     أفلا يخشع التالي، ويتأمل، ويطـّرح بين يدي الله تعالى، وهو موقن بالإجابة بإذن الله تعالى، بينما غيره ربما يخرج منهم صفر اليدين، وربما لحقته ملامة وعتب، أما الله عز وجل سبحانه وتعالى، يحبّ من عبده أن يدعوه، وأن يتحنن إليه، وأن يتلطف بين يديه سبحانه، بأجمل الدعاء وأكمله



3- كمال الطلب وكمال المطلوب 
-     وإذا تأملنا قول الله عز وجل "صراط الذين أنعمت عليهم"، وجدنا أنها تضمنّت كمالَ الطلب، وكمالَ المطلوب
-          فالطلب هو طلب هداية مَن أُنعِم عليهم
-     أي أن العبد حينما يتلو قول الله عز وجل "صراط الذين أنعمت عليهم"، فإنه يطلب من الله تعالى أن يمنحه هداية من أنعم عليهم، وهم ما ذكرهم الله عز وجل في قوله تعالى
-     فهو طلب لرِفقة هؤلاء في أحوالهم، وأقوالهم، وأعمالهم، وأخلاقهم، رِفقة في الدنيا، ورِفقة في الآخرة
-     رِفقة تشمل خيري الدنيا والآخرة، وتشمل أحواله كلها، الروحانية والجُثمانية، بحيث يكون على خطاهم، ويترسّم هداهم، كما قال الله تعالى
أي اتبَع طريقتهم، واسلك سبيلهم
-     فهذا هو كمال الطلب، والله تعالى يلقّننا هذا الدعاء العظيم، ويعلمنا بأن ندعو بهذا الدعاء في صلاتنا وفي مناجاتنا بين يدي الله تبارك وتعالى، لنحذو حذوهم ونهتدي بهديهم




4- ذِكر السابقين في القرآن الكريم للاعتبار بهم 
-          والله تعالى حينما يذكر السابقين، يذكرهم الله تعالى للاعتبار وللتأثر بهم
-          فينتفعوا من خيارهم، ويحذروا من طريق الأشرار والفجار
-     وأكثر القرآن الكريم، حينما يذكر أحوال السابقين، إنما يذكرهم لأجل أن ننتفع من مواعظهم، ونعتبر بأحوالهم
-     ولهذا ينبغي على المسلم والتالي لهذه السورة أن يجعل مثله الأعلى وقدوته هؤلاء الصالحين من الملائكة، ومن الرسل والأنبياء، ومن الصديقين، ومن الشهداء، والصالحين، ممن نوّه الله تعالى بذِكرهم، ونوّه بشأنهم، وأشاد بأحوالهم، وأخلاقهم، وفِعالهم، وهَديهم، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو مِن أعظم من أنعم الله تعالى عليه



5- أعظم النعم الهداية 
-     والنِعم من الله عظيمة وشتى، لكنها تتفاوت في المنزلة وفي القيمة، فأعظمها قيمةً:  الهداية، وهي التي قال الله تعالى عنها
-     ومعنى هذا أن الهداية نعمة من الله عز وجل، لا يشتريها الإنسان، ولا يستطيع أن يكتسبها بنفسه، أو بجاهه، أو بمنصبه، أو بنسبه، أو أن يصل إليها بقوّته وبعِلمه
-     إنما يصلها بتوفيق الله عز وجل، بما يمُنّ الله تعالى عليه بالنعمة، وبما يمنحه من هذه الهداية، وهذا فيه ترغيب على طلبها من الله عز وجل، وهذا هو كمال المطلوب
-     أن يكون في أوجه وفي أحسن أحواله، أن لا يطلب الإنسان سفاسف الدنيا، وأمورها الزائلة، ويقتصر على ذلك، وإنما ينبغي أن يسمو بدعائه وأن يطلب من الله عز وجل أكمل الأشياء وأحسنها، والتي لا يقدر عليها إلا الله




6- طلب النعم من الله تعالى يكسب المسلم التواضع والتذلل والعبودية 
-          وإنه ما من نعمة إلا من الله، كما قال الله تعالى
-          وهذا يُكسِب المؤمن التواضع، والخشوع، والتذلل، والعبودية لله عز وجل
-     العبودية التامة، والكاملة، وأن لا يطلب نعمة إلا من الله تبارك وتعالى، فإنه مهما ملك أرباب الأملاك من ممالكهم، فإنما هم أسباب ودواع بأمر الله تعالى، وتحت مشيئته


7- الاستجابة الكاملة لله ورسله تعين على سلوك صراط الذين أنعم الله عليهم 
-     فعلى العبد أن يطلب ذلك من صاحب النعمة العظيمة، من الله عز وجل أولا، وأن يُرِي الله تعالى من حاله أكمل الأشياء، من كمال العبودية، والتذلل، والخشوع، والاستجابة الكاملة لله تعالى، وطاعته، وطاعة رسله
-     فكل هذا مما يَحفِز، ومما يُعين على سلوك طريق المُنعَم عليهم بهذه الهداية الكاملة الشاملة التامة

 نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا إلى طريقهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه



(الخطبة الثانية) 

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له
وأن نبينا محمد عبده ورسوله، وصفيّه، وخليله، وخيرته من خَلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وكرّم


أما بعد،،،

8- عبق سماوي ونور علوي 
-     فإن قول الله عز وجل "صراط الذين أنعمت عليهم" فيه من الآداب والأحكام والمواعظ ووجوه الاعتبار ما يظهر لمن تأمل وتدبر
-     فإن التالي في كل ركعة من ركوعاته في صلاته تتجلى له معانٍ، وتتتجدد له آفاق، وتتفتح له هذه المعاني كما تتفتق البذور وكما تتفتح الزهور بما فيها من الجمال، وبما فيها من العطر الفوّاح
-          لكنه عَبَقٌ سماوي، ونورٌ علوي، ليس كأحوال أهل الدنيا
-     فلهذا ينبغي على المؤمن أن يتدبر في كل ركعة، لأن هذا الكتاب ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يخلق على كثرة الرد

          


9- دعاء الفاتحة يعلم طريقة الدعاء 
-     وهذه الآية التي نحن بصددها، وهي "صراط الذين أنعمت عليهم"، هي امتداد للآية السابقة واللاحقة، فنجد أن هذه الآية هي من تمام الدعاء الذي يدعو به المؤمن في سورة الدعاء
-          "اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم " الآية
-     ونجد أن هذه الآية تفصّل هذا الصراط تفصيلا، وتبيّنه تبيينا، في كلمات وجُمل ملقنّنا الله تعالى إياها لنحسن المناجاة بين يدي الله تبارك وتعالى
-          فهذا الدعاء يعلمنا طريقة الدعاء حينما نرفعه إلى الله عز وجل



10- الاستجابة للدعاء مرتبطة بالأخذ بآدابه 
-     فالداعي عليه أن يتحلى بآداب الدعاء وأجملها وأكملها وأحسنها، وأن لا يلقي الدعاء هكذا، فإن من أخذ بآدابة فهو قَمِنٌ بإذن الله تعالى بأن يستجاب له
-     هذا التفصيل يعلمنا أن نطـّرح بين يدي الله تعالى وننتقي أجمل العبارات، وأكملها، وأحسنها



11- الاستجابة للدعاء مرتبطة بالأخذ بأفضل الأوقات 
-     وهذا يكون في أكمل الأوقات أيضا، التي تكون كما في هذه الآية، في الصلاة، وفي أوقات الإجابة، في السَحَر، وفي الساعة المستجابة في يوم الجمعة وفي غيرها من مواطن الإجابة
-          يتحنّن العبد بين يدي الله تعالى، ويتلذذ بهذه المناجاة


12- القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة يحوي أكمل صيغ الدعاء وأشملها
-     وهذا من أدب القرآن، فإن القرآن قد اشتمل على أدعية كثيرة لأجل أن نأخذ بها، وأن ندعو بها في صلاتنا
-     وما ورد من الدعاء في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو اشمل الدعاء، وهو أكمله
-     ولهذا ينبغي علينا أن نتعلم هذه الأدعية، وأن نعلمها أهلينا، وأن نستعملها في كل مناسبة، وفي كل وقت تُرجى فيه الإجابة
-     كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، الذي هو دعاؤه أكمل الأدعية، وهو ترجمان كتاب الله عز وجل


     ألا فصلوا وسلموا عليه، فإن من صلى عليه صلاة، صلى الله عليه بها عشرا

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك
يا رب العالمين




انتهى بفضل الله ملخص الخطبة الثامنة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
" صراط الذين أنعمت عليهم "




مكتبة خطبة "صراط الذين أنعمت عليهم" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)








   


الخطبة التاسعة - في قوله تعالى
 ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) 
 ((خاتمة سورة الفاتحة)) 
الجمعة 14 جمادى  الأولى  1433

فضيلة الشيخ
أ.د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

يرجى الضغط على العنوان للانتقال إلى القسم المعني
تستمعون في هذه الخطبة إلى: 

للاستماع إلى الخطبة





  


ملحوظات نصية من الخطبة 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين
أحمده وأستعينه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن نبينا وقدوتنا وحيبينا وشفيعنا محمد عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه
بلـّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وكرَّم


أما بعد،،،

1- الاعتبار والعظة والانتفاع والتأسّي 
-          فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعتبروا بأحوال الأمم
-          فإن الله تعالى قد أمرنا بأن ننظر فيهم وفي سيرهم
-          وأن ننتفع بمن صلح منهم من خلال التأسي بهم
-          وأن نتّعظ ممن غضب الله تعالى عليه وضلّ عن الطريق
-          بأن نسأل الله عز وجل أن يجنّبنا سبيلهم، وأن يأخذ المؤمن العبرة منهم
-          فلا يَضِلّ كما ضلوا، ولا يسير في النهج الذي أغضب الله تعالى عليهم
-          ولهذا جاء في خاتمة سورة الفاتحة "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"



2- الثبات بعد الهداية 
-     والمتدبر لسورة الفاتحة يجد أن هذا الدعاء، وهو الخوف والخَشية من الله عز وجل، والطلب من الله تعالى أن يجنّبهم صراط اليهود والنصارى الذين ضلوا طريق الإسلام، وأغضبوا الله تعالى عليهم بما أحدثوه في دين الله تعالى
-          يأتي هذا الدعاء بعد قول الله عز وجل "صراط الذين أنعمت عليهم"
-     ومعنى هذا أنهم يسألون الله تعالى أن يثبتوا على هذه النعمة، وهي نعمة الهداية، بعد قول الله تعالى "اهدنا الصراط المستقيم"



3- الشكر على نعمة الهداية 
-     هذه الهداية هي مِنّة من الله تبارك وتعالى، يسألها مَن أنعمَ الله تعالى عليهم بهذه الهداية ومَنّ الله تعالى عليهم بها، أن يوفقهم إلى هذا الصراط المستقيم، وأن يثبتهم عليه، وأن يوفقهم كما وفّق من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
-          فهذه النعمة تستوجب الشكر
-     وإذا فرّط الإنسان في شكرها وقَصّر فيها، فإنه على خطر أن يهوي وينزلق في تلك الهاوية، وهي صراط المغضوب عليهم، وصراط الضالين



4- علِموا ولم يعمَلوا 
-     أما غضَب الله تعالى عليهم فلأنّهم، بعد أن علموا وعرفوا الحق، لم يعملوا به، فلذلك غضب الله تعالى عليهم
-          قال الله تعالى
-          وأما الضالون فهم الذين لم يعرفوا الطريق أصلا، فهم في ضلالٍ وعَمَهٍ دائم
-          قال الله تعالى




5- بين جناحي الرجاء والخوف 
-     والإنسان إذا لم يعِش في هذه الحياة بين جناحي الرجاء، في أن يكون من المـُنعَم عليهم، وجناح الخشية والخوف من أن يكون من المغضوب عليهم، فإنه ربما يهوي بسبب طغيان الدنيا أو نسيان العِلم، أوما إلى غير ذلك مما يَعْتَوِر البشر ويعترضهم من الأحداث
-          قال الله تعالى
-     فتجد الإنسان ربما في فقر يسأل الله تعالى أن ينعم عليه بالغنى، وأنه إذا أنعم عليه وأغناه فإنه سيتصدق وينفق في سبيله، فإذا أنعم الله تعالى عليه، أبى وتجبّر وطغى




6- من نماذج الضلالة: الاحتيال على الشرع 
-     بعض أهل المال والثراء إذا أراد أن يحتال وأن يضِل عن الطريق، إذا اقترب موعد حلول الزكاة وحَول الحول، تخلص من ماله إلى آخر، فإذا انقضت مدة الحَول ، عاد وتملك ماله مرة أخرى، ليفر من الزكاة، كما يفعله بعض الناس
-          وهكذا في أحوال اليهود الذين حرّم الله تعالى عليهم الشَحم، فجَمِلوه وأذابوه
-          وهكذا من يأكل الرِبا بزعم وباحتيال وبلف ودوران



7- بل هم أضل 
-     فتلك نماذج من نماذج الضلالة التي حذرنا الله تعالى منها في سور شتى، كما قال سبحانه:
-          أي أنه يحمل العِلم، لكنه لا ينتفع به
-          وكما قال الله تعالى
-     أي أنه يركض وراء الدنيا، سواء طاردته أم لم تطارده، كالكلب الذي يدلع لسانه من الظما أو من غيره
-     فهكذا، إذا انسلخ الإنسان من العِلم، وفقَدَ هذه الهداية، فهو في ضلالة وفي عَمَه أشبه ما يكون بالحيوانات، بل هُم أضل


نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الصراط المستقيم، وأن يهدينا إلى صراط المُنعم عليهم، وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين


(الخطبة الثانية) 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه
أحمده سبحانه، وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه


أما بعد،،،

8- تقلـّب القلوب 
-     فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من دعاء "اللهم يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك"
-     والتالي لهذه السورة في كل ركعة، حينما يصل إلى هذه الآية، فينبغي عليه أن يتيقظ كما تيقظ عند غيرها ، وأن يتدبر، وأن يتأمل لئلا ينزلق، وألا يضِل، ولئلا يَغضب الله تعالى عليه كما غضب على اليهود، وكما ضل النصارى



9- مهارات الدنيا وعلوم الآخرة 
-     وفي الحديث "كل مولود يولد على الفطرة" - أي على ملة الإسلام وعلى الدين الحنيف - "فأبواه يهودانه أو ينصرانه"


-     فما يكون من تأثّر بغير المسلمين، ربما ينخدع الواحد منا بما توصلوا إليه من علوم الدنيا، ومن الاختراعات، وهذا، وإن كان المسلمون به أحق، وإن كانوا قد فرّطوا فيه، لكنه يبقى من علوم الدنيا
-     وأما العِلم الحقيقي، والنفع الحقيقي، فهو في توحيد الله عز وجل، وفي عبادته، وفي خشيته، وفي رجائه، وفي عبادته، والاستعانة به، وفي سلوك رضوانه، والسير على طريقه سبحانه وتعالى



10- الحذر من بهرج الدنيا وزخرفها 
-     هذا هو الذي ينبغي على المسلم أن يحرص عليه - أن يحرص على رضوان الله عز وجل، وعلى سلوك منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلوك منهج الصديقين والشهداء والصالحين
-          أن يتشبّث بهذا، فهذا هو الذي فيه النجاة، وهذا هو الذي فيه السلامة
-     أما ما يراه من بهرج الدنيا ومن زخرفها، فينبغي أن يكون على حذر منه، وأن لا ينساق وراء شهواته ووراء ملذاته



11- عندما تنعدم معايير الفضيلة والرذيلة 
-          فإن اليهود والنصارى قد انعدمت عندهم معيار الفضيلة ومعيار الرذيلة
-          فإنهم قد ضلوا، وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل
-          فلا يراعون حُرمةً لله عز وجل، ولا يراقبون الله تعالى في توحيده وفي أعمالهم




12- فلن يقبل منه 
-          فليس بعد دين الإسلام دين
-          قال الله عز وجل

13- التأمين على دعاء الفاتحة 
-     هذا ويُستحب بعد تلاوة هذه السورة أن يؤمِّن القارىء، سواء التالي والسامع، سواء أكان في الصلاة أم في خارجها، وذلك على وجه الاستحباب
-     لكن ذلك يتأكد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا أمَّن الإمام، فأمِّنوا، فإنّ مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة استجيب له"، أو كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-          وقول "آمين" يعني "اللهم استجب"



14- تفاعل القلب واللسان والمعاني 
-     وينبغي أن يتفاعل فيها القلب مع اللسان، وأن يقولها بخشوع، وبتدبر، وبتأمل، يدعو الله عز وجل أن يستجيب له ما تضمنته هذه السورة من المعاني الجليلة، من تمجيد الله عز وجل، ومن تعظيمه، ومن ذِكر يوم القيامة، وما جاء من الدعاء بالهداية، وسلوك النبيين والصالحين
-          فهذا هو الذي يؤمّن عليه هذا المؤمن، ولهذا تسمى هذه السورة "سورة الدعاء"
-          لأنها من أولها إلى آخرها اشتملت على الدعاء
-          فأولها ثناء، وتعظيم، وتمجيد لله، وهكذا ينبغي أن يكون دعاء المؤمن
-     وآخرها دعاء بأن ينعِم الله عليه، وأن يجنّبه صراط المغضوب عليهم، وصراط الضالين



هذا وصلوا على نبينا محمد، فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا





اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد
وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ
وعن سائر أصحاب نبيك
وعنا معهم بعفوك وكرمك
يا ذا الجلال والإكرام

 اللهم اجعلنا شاكرين لنِعَمِك، مُثنين عليها يا رب العالمين 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار



انتهى بفضل الله ملخص الخطبة التاسعة والأخيرة من خطب الجمعة في سورة الفاتحة، وكان عنوانها
 ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) 
"خاتمة سورة الفاتحة"





مكتبة خطبة "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" 

يرجى ضغط الروابط التالية لتحميل الملفات المعنية:
× ملحوظات نصية من الخطبة (النص أعلاه)











خطبة عن "سورة الفاتحة"
10 جمادى الآخرة 1437هـ
















والحمد لله رب العالمين











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق